Menu
السعودية نيوز | الدور السعودي وقضية المناخ.. دقة الطرح وحساسية التوقيت نحو إجراءات عملية

لم يكن اهتمام المملكة العربية السعودية، بقضية المناخ ترفًا فكريًّا أو أطروحة نظرية، بقدر ما كان استشعارًا من المملكة لدورها الريادي على المستويين الإقليمي والدولي، في ظل ما تتمتع به من تأثير وحضور عملي في مختلف الفعاليات والمحافل الدولية على المستويات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية. 

مبادرات عملية ووعي استباقي

وليست مبادرات المملكة بشأن المناخ وليدة اللحظة، فقد انضمَّت شركة «أرامكو» السعودية، في 27 أكتوبر عام 2017 إلى «مبادرة شركات النفط والغاز بشأن المناخ»، وجددت خلالها تأكيد حرصها على الاستثمار في تقنيات جديدة وواعدة لخفض الانبعاثات، وشملت المبادرة – حينئذ - رؤساء تنفيذيين عالميين لشركات نفط وغاز، وعددًا من الرُّوادِ الرئيسيين بقطاعي الطاقة والمناخ خلال الملتقى السنوي الثالث لمبادرة شركات النفط والغاز بشأن المناخ.

كما دعمَّت أرامكو مبادرة مناخ النفط والغاز، بشأن استحداث تدابيرٍ جديدةٍ؛ لمواجهة تحديات المناخ في مؤتمرها السنوي الخامس في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي شاركت فيه أرامكو، وأكدت المبادرة أنها تحرز تقدمًا في الحد من انبعاثات الميثان.

وعلى صعيد المبادرات العملية الشاملة، أعلن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، في مارس الماضي عن مبادرتي: «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، لترسمان توجه السعودية والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة ووضعها في «خريطة طريق ذات معالم واضحة وطموحة وتسهمان بشكل قوي في تحقيق المستهدفات العالمية».

السعودية الخضراء

واستضافت المملكة العربية السعودية، في العاصمة الرياض في الفترة ما بين 23 إلى 25 أكتوبر الجاري النُسخة الافتتاحية لـ «منتدى مبادرة السعودية الخضراء» و«قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر»، وهما المبادرتان اللتان أعلن عنهما الأمير محمد بن سلماان ونالتا تفاعلاً عالميًّا كبيرًا، وسبقت تلك الفعالية قمة «كوب 26» للمناخ في جلاسكو باسكتلندا، وسط تحديات كبيرة.

وبحث المنتدى ملف «المحيطات والغلاف الجوي والفضاء والواجهة البحرية»، فضلاً عن أنواع الكائنات والأنظمة البيئية، تزامنًا مع عرض دراسة جدوى عن «الاقتصاد الحيوي الدائري»، وبحث «دور المدن في بناء مجتمعات مستدامة»، بالإضافة إلى تناول «الوصول إلى آليات تمويل خلاقة؛ بهدف التحول الأخضر» والمطالبة بتبني المشروعات الضخمة للتحول إلى «المفهوم الأخضر» ودفع عجلة التحول المستدام.

السعودية تقدم نموذجا يحتذى

ويتسق التحرك الدولي والإقليمي للمملكة بشأن قضايا المناخ مع جهود محلية، قدَّمت نموذجًا يُحتذى للعالم في الاهتمام بقضايا البيئة والتنوع البيولوجي واتخاذ الإجراءات اللازمة وتنفيذ المشروعات الضرورية، نحو «اقتصاد الاعتماد على الطاقة المتجددة»، وخفض الانبعاثات الكربونية؛ فعلى الصعيد القانوني سنَّت المملكة «النظام العام للبيئة»، والذي نص على إلزام الجهات المعنية بإجراء دراسات التقويم البيئي في مرحلة دراسات الجدوى للمشروعات «التي يمكن أن تحدث تأثيرات سلبيَّة على البيئة»، بل وضع النظام مهام ومسؤوليات للمؤسسات التعليمية والإعلامية والدينية؛ لتقوم باتخاذ الإجراءات التي من شأنها الحفاظ على البيئة، وتضمَّن النظام نصوصا صريحة بشأن تجريم «تلويث البيئة». 

إجراءات أمنية فاعلة 

ووصل اهتمام المملكة محليًّا بالبيئة إلى حد المواجهة الأمنية لأي خروقات ضد الأنظمة المعمول بها والتي تستهدف الحفاظ على المحميات الطبيعية والأشجار والحيوانات البرية، حيث تباشر «القوات الخاصة للأمن البيئي»، مهام الرصد والتتبع وضبط المخالفين للأنظمة واللوائح السارية في هذا الشأن، مع تجريم تداول الحطب المحلي. 

كما دشنت المملكة، «المركز الوطني للحياة الفطرية»، والذي تقوم رؤيته منذ إنشائه على «تولي مهام تطوير وتنفيذ خطط للتصدي للأخطار المحدقة بالحياة الفطرية في البر والبحر وإعادة تأهيل الأنواع التي انقرضت من البرية والأنواع المهددة بخطر الانقراض مستهدفة إعادة التوازن البيئي للنظم البيئية الطبيعية».

ويُترجِم المحتوى التوعوي الذي تبثته منصات الجهات المعنية بشأن قضايا البيئة والتغير المناخي، حجم الإدراك الجمعي في المملكة لذلك الشأن على المستويين الرسمي والشعبي على السواء، فضلاً عن جدية التعاطي الإعلامي مع قضايا البيئة والتفاعل اللحظي مع أية أحداث متعلقة بها. 

مضمامين الرؤية السعودية

تقوم رؤية المملكة العربية السعودية بشأن قضايا المناخ، على أنها أحد المؤثرين الكبار في سوق النفط والطاقة، فضلا عن استدعاء دورها التاريخي حيال التقدم الإنساني وتوفير دعائم المدنية الحديثة للعالم أجمع؛ كونها مصدرا حيويا للنفط، ومن ثم فإنها تستكمل ذلك الدور الريادي بالمشاركة والمبادرة والحضور الفاعل، فيما يتعلق بقضايا المناخ والبيئة؛ في سبيل استمرار وفاعلية الدور الحضاري السعودي في إرساء ركائز التقدم الإنساني ودعم الحضارة الإنسانية بإجراءات عملية مدعومة بوعي سياسي ودبلوماسي يترجم جدية دور الرياض. 

تجربة ملهمة 

يعكس الاهتمام السعودي بقضايا البيئة والتغير المناخي، تجربة ملهمة لدولة أدركت قيادتها قيمة وثراء مواردها وثرواتها الطبيعية، وتفاعلت مع معطيات الحضارة الحديثة بفكر راق ووعي مستنير تباشره قيادة مدركة لأبعاد القضايا الدولية والمطالب الإنسانية لشعوب العالم كافة؛ التي وإن كان من حقها الاستفادة من معطيات الحضارة الحديثة، إلا أنها في الوقت ذاته مطالبة بمزيد من الاهتمام بواحدة من أهم ركائز وجودها البشري، وهي الاهتمام بالبيئة بإجراءات عملية تضمن سلامة البشرية من أي تفاقم مستقبلي لتداعيات التلوث والانبعاثات، والتي قد يدفع العالم ثمنا باهظا، حال تجاهلها وعدم التأهب لها بإجراءات استباقية فاعلة، وليس أدل على صدق الدعوة السعودية وقوة مضمونها الأخلاقي، من تداعيات حرائق الغابات والفيضانات المدمرة وغيرها من التداعيات التي وثقتها صور الأقمار الصناعية.

اقرأ أيضا| ولي العهد: تأسيس مؤسسة المبادرة الخضراء كمؤسسة غير ربحية

Oct. 26, 2021, 12:52 p.m. لم يكن اهتمام المملكة العربية السعودية، بقضية المناخ ترفًا فكريًّا أو أطروحة نظرية، بقدر ما كان استشعارًا من المملكة لدورها الريادي على المستويين الإقليمي والدولي، في ظل ما تتمتع به من تأثير وحضور عمل...
السعودية نيوز | الدور السعودي وقضية المناخ.. دقة الطرح وحساسية التوقيت نحو إجراءات عملية
صحيفة السعودية نيوز
صحيفة السعودية نيوز

السعودية نيوز | الدور السعودي وقضية المناخ.. دقة الطرح وحساسية التوقيت نحو إجراءات عملية

السعودية نيوز | الدور السعودي وقضية المناخ.. دقة الطرح وحساسية التوقيت نحو إجراءات عملية
  • 366
20 ربيع الأول 1443 /  26  أكتوبر  2021   02:26 م

لم يكن اهتمام المملكة العربية السعودية، بقضية المناخ ترفًا فكريًّا أو أطروحة نظرية، بقدر ما كان استشعارًا من المملكة لدورها الريادي على المستويين الإقليمي والدولي، في ظل ما تتمتع به من تأثير وحضور عملي في مختلف الفعاليات والمحافل الدولية على المستويات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية. 

مبادرات عملية ووعي استباقي

وليست مبادرات المملكة بشأن المناخ وليدة اللحظة، فقد انضمَّت شركة «أرامكو» السعودية، في 27 أكتوبر عام 2017 إلى «مبادرة شركات النفط والغاز بشأن المناخ»، وجددت خلالها تأكيد حرصها على الاستثمار في تقنيات جديدة وواعدة لخفض الانبعاثات، وشملت المبادرة – حينئذ - رؤساء تنفيذيين عالميين لشركات نفط وغاز، وعددًا من الرُّوادِ الرئيسيين بقطاعي الطاقة والمناخ خلال الملتقى السنوي الثالث لمبادرة شركات النفط والغاز بشأن المناخ.

كما دعمَّت أرامكو مبادرة مناخ النفط والغاز، بشأن استحداث تدابيرٍ جديدةٍ؛ لمواجهة تحديات المناخ في مؤتمرها السنوي الخامس في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي شاركت فيه أرامكو، وأكدت المبادرة أنها تحرز تقدمًا في الحد من انبعاثات الميثان.

وعلى صعيد المبادرات العملية الشاملة، أعلن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، في مارس الماضي عن مبادرتي: «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، لترسمان توجه السعودية والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة ووضعها في «خريطة طريق ذات معالم واضحة وطموحة وتسهمان بشكل قوي في تحقيق المستهدفات العالمية».

السعودية الخضراء

واستضافت المملكة العربية السعودية، في العاصمة الرياض في الفترة ما بين 23 إلى 25 أكتوبر الجاري النُسخة الافتتاحية لـ «منتدى مبادرة السعودية الخضراء» و«قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر»، وهما المبادرتان اللتان أعلن عنهما الأمير محمد بن سلماان ونالتا تفاعلاً عالميًّا كبيرًا، وسبقت تلك الفعالية قمة «كوب 26» للمناخ في جلاسكو باسكتلندا، وسط تحديات كبيرة.

وبحث المنتدى ملف «المحيطات والغلاف الجوي والفضاء والواجهة البحرية»، فضلاً عن أنواع الكائنات والأنظمة البيئية، تزامنًا مع عرض دراسة جدوى عن «الاقتصاد الحيوي الدائري»، وبحث «دور المدن في بناء مجتمعات مستدامة»، بالإضافة إلى تناول «الوصول إلى آليات تمويل خلاقة؛ بهدف التحول الأخضر» والمطالبة بتبني المشروعات الضخمة للتحول إلى «المفهوم الأخضر» ودفع عجلة التحول المستدام.

السعودية تقدم نموذجا يحتذى

ويتسق التحرك الدولي والإقليمي للمملكة بشأن قضايا المناخ مع جهود محلية، قدَّمت نموذجًا يُحتذى للعالم في الاهتمام بقضايا البيئة والتنوع البيولوجي واتخاذ الإجراءات اللازمة وتنفيذ المشروعات الضرورية، نحو «اقتصاد الاعتماد على الطاقة المتجددة»، وخفض الانبعاثات الكربونية؛ فعلى الصعيد القانوني سنَّت المملكة «النظام العام للبيئة»، والذي نص على إلزام الجهات المعنية بإجراء دراسات التقويم البيئي في مرحلة دراسات الجدوى للمشروعات «التي يمكن أن تحدث تأثيرات سلبيَّة على البيئة»، بل وضع النظام مهام ومسؤوليات للمؤسسات التعليمية والإعلامية والدينية؛ لتقوم باتخاذ الإجراءات التي من شأنها الحفاظ على البيئة، وتضمَّن النظام نصوصا صريحة بشأن تجريم «تلويث البيئة». 

إجراءات أمنية فاعلة 

ووصل اهتمام المملكة محليًّا بالبيئة إلى حد المواجهة الأمنية لأي خروقات ضد الأنظمة المعمول بها والتي تستهدف الحفاظ على المحميات الطبيعية والأشجار والحيوانات البرية، حيث تباشر «القوات الخاصة للأمن البيئي»، مهام الرصد والتتبع وضبط المخالفين للأنظمة واللوائح السارية في هذا الشأن، مع تجريم تداول الحطب المحلي. 

كما دشنت المملكة، «المركز الوطني للحياة الفطرية»، والذي تقوم رؤيته منذ إنشائه على «تولي مهام تطوير وتنفيذ خطط للتصدي للأخطار المحدقة بالحياة الفطرية في البر والبحر وإعادة تأهيل الأنواع التي انقرضت من البرية والأنواع المهددة بخطر الانقراض مستهدفة إعادة التوازن البيئي للنظم البيئية الطبيعية».

ويُترجِم المحتوى التوعوي الذي تبثته منصات الجهات المعنية بشأن قضايا البيئة والتغير المناخي، حجم الإدراك الجمعي في المملكة لذلك الشأن على المستويين الرسمي والشعبي على السواء، فضلاً عن جدية التعاطي الإعلامي مع قضايا البيئة والتفاعل اللحظي مع أية أحداث متعلقة بها. 

مضمامين الرؤية السعودية

تقوم رؤية المملكة العربية السعودية بشأن قضايا المناخ، على أنها أحد المؤثرين الكبار في سوق النفط والطاقة، فضلا عن استدعاء دورها التاريخي حيال التقدم الإنساني وتوفير دعائم المدنية الحديثة للعالم أجمع؛ كونها مصدرا حيويا للنفط، ومن ثم فإنها تستكمل ذلك الدور الريادي بالمشاركة والمبادرة والحضور الفاعل، فيما يتعلق بقضايا المناخ والبيئة؛ في سبيل استمرار وفاعلية الدور الحضاري السعودي في إرساء ركائز التقدم الإنساني ودعم الحضارة الإنسانية بإجراءات عملية مدعومة بوعي سياسي ودبلوماسي يترجم جدية دور الرياض. 

تجربة ملهمة 

يعكس الاهتمام السعودي بقضايا البيئة والتغير المناخي، تجربة ملهمة لدولة أدركت قيادتها قيمة وثراء مواردها وثرواتها الطبيعية، وتفاعلت مع معطيات الحضارة الحديثة بفكر راق ووعي مستنير تباشره قيادة مدركة لأبعاد القضايا الدولية والمطالب الإنسانية لشعوب العالم كافة؛ التي وإن كان من حقها الاستفادة من معطيات الحضارة الحديثة، إلا أنها في الوقت ذاته مطالبة بمزيد من الاهتمام بواحدة من أهم ركائز وجودها البشري، وهي الاهتمام بالبيئة بإجراءات عملية تضمن سلامة البشرية من أي تفاقم مستقبلي لتداعيات التلوث والانبعاثات، والتي قد يدفع العالم ثمنا باهظا، حال تجاهلها وعدم التأهب لها بإجراءات استباقية فاعلة، وليس أدل على صدق الدعوة السعودية وقوة مضمونها الأخلاقي، من تداعيات حرائق الغابات والفيضانات المدمرة وغيرها من التداعيات التي وثقتها صور الأقمار الصناعية.

اقرأ أيضا| ولي العهد: تأسيس مؤسسة المبادرة الخضراء كمؤسسة غير ربحية

الكلمات المفتاحية