الثلاثاء، 21 يونيو 2022 05:00 م
العلاقات المصرية – السعودية راسخة ومتجذرة، يدعمها تاريخ طويل من المواقف المشرّفة والمصالح المشتركة، ويترجمها جملة من الاتفاقيات والبروتوكولات ومذكرات التفاهم التي تؤسس لمستقبل مشرق قائم على الشراكة الاستراتيجية في كافة المجالات.
وشهدت السنوات القليلة الماضية زخماً كبيرًا في علاقات البلدين على المستويين الرسمي والشعبي، وصولاً إلى الشراكة الاستراتيجية، عبر إبرام نحو 70 اتفاقية و"بروتوكول" ومذكرة تفاهم بين المؤسسات الحكومية في الدولتين الشقيقتين.
وفي هذا السياق، تلعب
اللجنة المصرية السعودية المشتركة دوراً لافتاً وفعالاً في تعميق وتجذير هذا التعاون، من خلال سلسلة الاجتماعات واللقاءات التي دارت بين القاهرة والرياض طيلة الفترة الماضية، وكان آخرها الدورة السابعة عشرة للجنة التي احتضنتها القاهرة في يونيو 2021م، ثم الاجتماع التالي بالرياض في مارس 2022م، لمتابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن هذه الدورة، برئاسة وزيري التجارة في البلدين.
مذكرات تفاهم
أسفرت هذه الاجتماعات المتتالية عن اتفاقات ومذكرات تفاهم لم تتوقف فقط عند القطاع الاقتصادي والاستثماري الذي يشهد تناميًا غير مسبوق بين البلدين خلال السنوات القليلة الماضية، لكنها طالت العديد من المجالات الأخرى، مثل الإعلام، والزراعة والغذاء والدواء وقطاع الاتصالات والتعاون الجمركي والبيئة والقضاء ومكافحة الفساد، وغيرها.
وفي قطاع الزراعة والتجارة البينية، تكللت جهود الدولتين بالاتفاق على تسهيل حركة التصدير والتبادل التجاري لشحنات الفواكه والخضراوات، وتبادل كافة الإخطارات والمعلومات والتشريعات الخاصة بقواعد الاستيراد والتصدير وقواعد الفحص الخاصة بالحجر الزراعي، وكذا استثمار الفرص المختلفة للتعاون المشترك في قطاع التمور في مصر.
كما توصلت اللجنة المشتركة، عبر اجتماعاتها بين القاهرة والرياض، إلى الصيغة النهائية لمشروع مذكرة تفاهم بغية تعزيز التعاون في مجال تنمية حركة التجارة البينية بين البلدين، وتم الاتفاق على عقد الاجتماع الرابع للجنة الفنية للمواصفات والمقاييس لمناقشة الموضوعات الفنية ذات الاهتمام المشترك خاصة في مجال الاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة. وذلك فضلا عن اتفاقية التعاون الجمركي بين البلدين في إبريل 2020م، بهدف تيسير حركة التجارة بين البلدين وتحقيق التعاون المشترك في مجال الرقابة والتفتيش الجمركي.
وفي سياق تقوية هذه العلاقات التجارية، تمت دعوة الجانب السعودي لزيارة منشآت تصدير الأسماك البحرية والمزارع السمكية، والاطلاع على الوضع الصحي للمنشآت المصرية العاملة في مجال الطيور الحية، والتي تم اعتمادها من المنظمة العالمية لصحة الحيوان كمنشآت خالية من إنفلونزا الطيور، والوقوف على المستجدات الخاصة بإجراءات إعادة تصدير الخيول إلى المملكة.
التعليم والتدريب
في مجال التعليم والتدريب الفني والمهني، توصلت اللجان المتخصصة بالفعل إلى الصيغة التنفيذية لبرنامج التعاون في مجال التدريب التقني والمهني الموقع بين البلدين، مع السعي لإنشاء برامج تعاون مشتركة بين الجامعات المصرية ونظيرتها السعودية.
وفي هذا الإطار، تعد جامعة الملك سلمان الدولية، التي تأسست في العام 2020م، إحدى مخرجات برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لتنمية شبه جزيرة سيناء، وهي أحد أهم المشروعات الرائدة التي تجسد عمق التعاون بين البلدين في مجال التعليم، خاصة أنها واحدة من جامعات الجيل الرابع الذكية، التي تقدم تجربة جامعية فريدة من نوعها يمتزج فيها التعلم باستخدام أحدث التقنيات، والخبرة التطبيقية، والمعارف النظرية، وخدمة المجتمع، وتنمية البيئة.
الثقافة والإعلام
اتفقت الهيئة الوطنية للإعلام وهيئة الإذاعة والتليفزيون السعودية، في ديسمبر 2021م، على تعزيز التعاون المشترك في مختلف مجالات العمل الإعلامي؛ من حيث التعاون في تطوير المحتوى وفى المجال الهندسي وتكنولوجيا الاتصال، وكذا في المجال الإخباري والانتاج البرامجي المشترك والتدريب.
كما اتفقتا على ضرورة تفعيل بروتوكولات التعاون الموقعة بين البلدين، والعمل على تكثيف التعاون الإعلامي بما يحقق مردودًا إيجابيًا على الجانب المهني والاقتصادي معاً، فضلا عن تنمية التعاون القائم بين وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية ووكالة الأنباء السعودية.
وثقافياً، تعاون البلدان في تسجيل ملف الخط العربي لإدراجه ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو، خلال شهر ديسمبر 2021م.
القضاء ومكافحة الفساد
وقّع مجلس الدولة المصري وديوان المظالم السعودي، في نوفمبر 2021، مذكرة تفاهم تستهدف تعزيز التعاون بينهما وتبادل الخبرات في مجالات القضاء الإداري، كما وقعت الدولتان، في ديسمبر 2021، مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الفساد وتبادل الخبرات والمعلومات المتعلقة بجرائم الفساد.
الربط الكهربائي
أبرز المجالات التي شهدت مؤخرًا تعاوناً مثمرًا بين البلدين، هو مجال الربط الكهربائي، حيث وقع البلدان، في أكتوبر 2021، بروتوكول البدء في مشروع الربط الكهربائي، بهدف تعزيز موثوقية الشبكات الكهربائية الوطنية في البلدين، ودعم استقرارها والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة فيها ومن فروقات التوقيت في ذروة أحمالها الكهربائية.
الدعم الفني ونقل الخبرات
كما شهدت العديد من القطاعات والمجالات الأخرى اتفاقات وبروتوكولات لتعميق التعاون بين البلدين بشأنها، ففي قطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة، اتفقا البلدان على سرعة التوصل إلى الصيغة النهائية لمشروع مذكرة التفاهم بين الجانبين في مجال الدعم الفني ونقل الخبرات، وتعزيز التعاون المشترك في مجال تنمية وتطوير قطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة.
التعدين والصحة والاتصالات
وبالمثل، اتفق البلدان على تعزيز التعاون المشترك في مجال النفط والبتروكيماويات، وتقديم فرص الاستثمار المتاحة بقطاع التعدين، فضلا عن تعزيز التعاون العلمي الجيولوجي. أما في مجال الصحة، فهناك اتفاق على تفعيل العمل بين وزارتي الصحة السعودية والمصرية لتبادل الخبرات بين الجانبين.
وفي مجال الاتصالات، جرى الاتفاق على استكمال إجراءات تفعيل التعاون المشترك في مجال الذكاء الاصطناعي والاعتراف المتبادل للتوقيع الإلكتروني بين البلدين.
وفي مجال المعارض، جرى الاتفاق على تذليل كافة العقبات التي تواجه إقامة المعارض والمؤتمرات في كلا البلدين، ودعوة الجانب السعودي للمشاركة بشكل دوري وسنوي بفعاليات معرض القاهرة الدولي، وكذا مشاركة مصر في معرض جدة الدولي.
,تسعى المملكة ومصر، بفضل قيادتي البلدين، إلى تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والفنية، بما يلبي طموحات وآمال البلدين والشعبين الشقيقين.