وذكر السفير حجازي -في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الخميس، أن العلاقات الصينية العربية التاريخية الضاربة بجذورها في التاريخ، تطورت في العصر الحديث حتى أصبحت واحدة من أهم نماذج العلاقات الودية الدولية التي تسعي لتحقيق الأمن والاستقرار والتكافل والاعتماد المتبادل ورعاية مصلحة أطرافها، مضيفًا: "تلك هي الأسس التي انطلقت في مسار عبر 66 عامًا منذ اعتراف مصر بالصين عام 1956 لتنطلق مسيرة العلاقات بعد ذلك حتى تبوأت الصين مقعدها الدائم في الأمم المتحدة عام 1971".
وأوضح أن مسيرة هذه العلاقات تطورت بشكل مؤسسي، وبات واضحًا فيما حققته من مكاسب على جميع الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية، وتنامي حجم التبادل التجاري ليصل حاليًا لنحو 400 مليار دولار بالإضافة إلى الاستثمارات والتعاون والتفاعل الثقافي المتزايد، فضلًا عن الاهتمام بكافة القضايا والمشكلات التي تقف عائقًا أمام أمن واستقرار المنطقة العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والتي تشاطرنا فيها الصين مبادئ القانون الدولي الملزمة لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لمقررات الأمم المتحدة.
وشدد مساعد وزير الخارجية الأسبق على أن الصين كانت دومًا نصيرًا للحق العربي واحترمت القضايا العربية، وفي المقابل يقف العرب أيضًا إلى جوار بكين في الحفاظ على رؤية الصين الواحدة وعدم التدخل في شئون إدارتها، منوهًا إلى أن العلاقة بين الصين والبلدان العربية قائمة على أسس من احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشأن الداخلي واحترام مواثيق الأمم المتحدة والبحث عن المشتركات التي تقوم عليها علاقات إستراتيجية واعية تتكامل فيها القدرات العربية الاقتصادية مع الإمكانات التكنولوجية ما فتح المجال للنشاط المهم المتزايد للشركات الصينية في المنطقة.
ونوه السفير محمد حجازي كذلك إلى دعم القيادة السياسية في الصين لعملية التنمية بالعالم العربي والمشاركة في عملية البنية التحتية بشكلٍ متواصل في كافة الأسواق العربية ما أهل تلك العلاقات إلى أن تحقق العديد من المكاسب وعلى رأسها التوجه نحو مجتمع عربي-صيني ذي مصير مشترك.
ورأى أن العرب والصين في حاجة إلى بعضهم البعض لاسيما خلال تلك المرحلة التاريخية شديدة الخطورة التي تمر بها الأسرة الدولية نتيجة الحروب والمشاحنات والتوترات والاستقطابات الدولية ومحاولة بعض القوى فرض الإرادة والهيمنة وإقامة مجتمع دولي ذي قطب واحد، في مقابل ما تدعو إليه الصين والبلدان العربية من "مجتمع دولي متعدد الأقطاب".
وأضاف أن العرب والصين هما أحوج الآن لبعضهما البعض، في ظل تلك الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية شديدة التوتر بالعالم، حيت تتكامل احتياجات الصين مثلًا من الطاقة التي توفرها لها البلدان العربية خاصة في ظل أزمة الطاقة التي تسببت فيها الحرب الروسية الأوكرانية، مشيرًا إلى أنه مع تطور العلاقات إلى مستوى توقيع اتفاقيات استراتيجية مع معظم البلدان العربية وما حققته دورات انعقاد المؤتمر العربي-الصيني منذ تأسيسه عام 2004 حتى دورته الحادية عشرة الحالية على المستوى الوزاري، فقد بات ضروريًا مع هذا الزخم أن ترتفع العلاقات العربية-الصينية إلى مستوى القمة.
وتابع قائلًا: "الصين ورغم تداعيات وباء كورونا، قد عادت الآن وأصبحت على استعداد مجددًا للخروج والانطلاق نحو العالمية، وتكون بذلك زيارة الرئيس "شي جين بينج" للعاصمة السعودية الرياض لحضور أول قمة "عربية-صينية" و"صينية خليجية" وثنائيا مع المملكة العربية السعودية، انطلاقة جديدة لبكين من خلال مؤسسات تنموية سياسية واقتصادية تتشارك فيها مع البلدان العربية، وذلك مع مبادرة الحزام والطريق التي قدمتها الصين للعالم بوصفها عولمة تتسم بالعقلانية والعدالة وليس بالتنافسية والاستغلال، أي عولمة قائمة على احترام الآخر ووحدة المُصير المُشترك من أجل مصالح متكاملة واستفادة متبادلة.
وقال السفير محمد حجازي: "تلك هي فلسفة التعاون التي خرجت بها الصين لتنفذ بها سياسة خارجية أكثر احترامًا للآخر، ساعية من أجل المصير المشترك واعتماد متبادل على تحقيق المصالح، حيث إن آلاف من الشركات الصينية تسهم في رفعة شأن البنية التحتية والاقتصاديات العربية وتقدم أحدث التكنولوجيا دون أن تحجبها"، موضحًا أن التكنولوجيا والتمويل والعمل المشترك قادرون على تحقيق تحول في مسار العلاقات ليس فقط في المنطقة العربية ولكن أيضًا على المستوى العالمي، منبهًا بأن الجميع يسعى من أجل مبادرة مثل "مبادرة الحزام والطريق" لاستعادة التواصل وليس التنافس، كأساس للعلاقات الدولية.
ولفت إلى أن العلاقات العربية-الصينية بهذه القمة في الرياض مؤهلة -بفضل حكمة القادة المشاركين- للانطلاق نحو عالمية جديدة وعلاقات إقليمية راسخة تساعد في رفعة شأن بلادنا وتسهم أيضًا في دعم الاقتصاد الصيني الذي يقدم نفسه على الساحة الدولية كشريك وصديق وكحليف استراتيجي يعتمد في تحالفه على البناء ورفعة الأمم والشراكة المشتركة من أجل خير الجميع و من أجل حياة أكثر نموًا واستقرارًا تعلى فيها مبادئ الخير والنماء ولا تعلى فيها مبادئ التوتر والتنافس.
واعتبر السفير حجازي أن العرب يمدون أيديهم عبر القمة العربية-الصينية للانطلاق بالعلاقات إلى مستوى غير مسبوق تتآلف فيه الأفكار والأموال ومصادر الطاقة والفكر والتكنولوجيا والثقافة ولاسيما الحضارة التي تجمع بين منطقتين بالعالم لهما تاريخ وحضارة إنسانية قائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشأن الداخلي وتبادل المصالح والمنافع من أجل مصير مشترك لخير البشرية.
وشدد على أن عالمنا العربي بات اليوم عالمًا جديدًا يتحرك بحرية بين الأقطاب الدولية بحثًا عن الأمن والاستقرار العالمي، وعن علاقات تتسم بالمصالح المشتركة دون انحيازات، مع التعامل بالندية، لافتًا إلى أن البلدان العربية تدرك جيدًا ما قدمته الصين وما يمكن للعلاقات العربية الصينية أن تحققه من مكاسب تنموية واقتصادية وسياسية وأمنية.
واختتم مساعد وزير الخارجية الأسبق، تصريحاته لوكالة أنباء الشرق الأوسط، بأن العلاقات العربية تعتمد على المسعى المشترك لإرساء مبادئ السلم والأمن في منطقتنا وخارجها ومن أجل عالم يقوم على مصالح متبادلة وتبادل تكنولوجي وبناء مستقبل يخدم الجميع.