الخميس، 18 مايو 2023 01:00 م
بدأ توافد القادة العرب إلى المملكة العربية السعودية، صباح الخميس، وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، للمشاركة في القمة العربية، كما أكد وزير الخارجية السورى فيصل المقداد أن الرئيس بشار الأسد سيترأس وفد بلاده خلال فعالياتها، وهو ما يمثل انعكاسا صريحا لحالة الزخم الذي تحظى به في ظل لحظة استثنائية، جراء تواتر الازمات بصورة كبيرة، والعديد من المتغيرات الدولية والاقليمية.
وتحمل القمة العربية، والتي تنعقد في جدة، الجمعة، طابعا استثنائيا، جراء تغييرات كبيرة، سواء في البيئة الدولية أو الإقليمية أو التطورات الأخيرة التي شهدتها بعض دول المنطقة صعودًا، على غرار الانفتاح العربي على سوريا، أو هبوطًا، كالأحداث الأخيرة في السودان، والتي تمثل تهديدا مهما لأمن واستقرار المنطقة العربية.
ولعل القضايا الثلاثة المذكورة، تمثل 3 أبعاد متوازية، ترتبط في أولها بالأوضاع داخل الدول العربية، بينما تتعلق في بعدها الثاني على العلاقات العربية العربية، في حين يتمركز البعد الثالث بالعلاقات العربية بدائرتها الإقليمية، وهي الأبعاد التي تمثل في جزء كبير منها مستجدات على مائدة القمة العربية، وهو ما يعكس أهميتها الكبيرة في إطار الحاجة الملحة للتنسيق بين القادة العرب في المرحلة المقبلة، في ضوء التطورات الاخيرة، في ظل خطوات متزامنة، من شأنها محاولات "لم الشمل"، والتي كانت شعار القمة السابقة في الجزائر، ومن ثم تحقيق "وحدة الصف العربي"، وهو الهدف الذي تحمله القمة الحالية في مدينة جدة.
والحديث عن "لم الشمل"، ربما يدفع نحو الالتفات إلى الجهود التي بذلتها جامعة الدول العربية، منذ اندلاع أزمة السودان، حيث شهدت العديد من الاجتماعات، للمندوبين الدائمين وعلى المستوى الوزارى، برئاسة مصر، من أجل الوصول إلى هدنة إنسانية، يمكن من خلالها جمع الأطراف المتنازعة على مائدة التفاوض، للوصول إلى حلول، بينما تحركت جنبا إلى جنب مع المسار السياسي، في مسارات أخرى إنسانية ومجتمعية، عبر دعوات أطلقها الأمين العام أحمد أبو الغيط، لعقد اجتماعات طارئة لوزراء الصحة والشؤون الاجتماعية العرب، في إطار يحمل شمولية غير مسبوقة في التعامل مع مثل هذه الأزمات، والتي اقتصرت في الماضي على الجانب السياسي.
في هذا الإطار، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط، خلال اجتماع وزراء الخارجية الذي انعقد في جدة تمهيدا للقمة العربية، إن العرب لن يتركوا إخوانهم في السودان وحدهم، حيث يواكبون التطورات ويقدمون كل الدعم الممكن، مشيرا إلى تشكيل مجموعة اتصال لهذا الغرض والذي جهداً كبيراً محموماً ومتواصلاً للوساطة قامت به المملكة العربية السعودية ولكن الأمر مرهون في المحصلة بإرادة السودانيين وقياداتهم لوضع حدٍ لهذا الانحدار، وإسكات البنادق في أسرع وقت.
بينما تبقى عودة سوريا إلى أحضان "بيت العرب"، ومشاركتها في القمة العربية، متغيرا إيجابيا، يعكس بعدًا أخر من أبعاد الأولويات العربية، وهو "وحدة الصف" في إطار العمل الإقليمي، على أساس الهوية في التعامل مع الأزمات طويلة الأمد، بعيدا عن اللجوء إلى تدويلها دون جدوى، وهو ما يفسر الترحيب الكبير من قبل المشاركين بعودة دمشق والتي تمثل ركنا مهما من أركان الجامعة العربية باعتبارها عضوا مؤسسا لها، وأحد أهم المؤثرين في المنظومة العربية بأسرها.
فمن جانبه، رحب وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بعودة دمشق لشغل مقعدها في الجامعة العربية، معتبرا أنه امتداد للجهود التي وضعتها بلاده على عاتقها خلال القمة الاخيرة التي عقدت على أراضيها.
يقول عطاف، خلال كلمته باجتماع وزراء الخارجية العرب، إن الخطوات التي تم اتخاذها لتطوير وتقوية العلاقات العربية-السورية يساهم بشكل جماعي في حل الأزمة في هذا البلد الشقيق.
واما عن التطورات الاقليمية، فيبقى التقارب الكبير في العلاقة بين الدول العربية وجيرانهم الاقليميين، متغيرات مهمة تطل بجلاء على أجندة القمة العربية، خاصة بعد التطور الكبير في العلاقة بين الدول العربية من جانب، وكلا من تركيا وإيران من جانب آخر، في ظل حالة الاشتباك الاقليمي في مناطق الازمات في السنوات الماضية وما مثلته من تهديد صريح للامن والاستقرار في الشرق الاوسط.
يرى أبو الغيط أن ثمة تطورات إيجابية في مواقف دول الجوار وإدارتها لعلاقاتها مع المنطقة العربية، مشيرا إلى إيران وتركيا على وجه التحدي، موضحا أنه ليس خافياً ما عانته المنطقة العربية، ولا زالت، من الآثار السلبية الخطيرة للتدخلات في شئونها الداخلية مشددا على ضرورة ان تقوم العلاقات على الاحترام المتبادل ومبدأ السيادة وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول.